المحتويات
وقال يوماً لأحمد بن يونس فكرت في أمرك فوجدت دمك ومالك وحلالاً ، فقال أيها الأمير أشد ما في القضية أن هذا الرأي بعد الفكر فضحك وعفا عنه . وكان عنده يوماً بعضندمائه وقد أدركته سنة فعطس النديم عطسة منكرة ففزع الحجاج وقام منكراً مغضباً وقال ما أردت بهذه العطسة إلا أن تروعني ، فقال أيها الأمير والله هذه عادتي فقال والله إن لم تأتني بشاهد على ذلك وإلا ضربت عنقك فخرج الرجل فوجد بعض أصحابه فقص عليه الأمر فقال أنا أشهد لك فدخلا على الحجاج فقال لصاحبه بم تشهد ؟ فقال أيها الأمير أشهد بأنه عطس يوماً عطسة وقع منها ضرسه فضحك الحجاج حتى استلقى فقال حسبك وأمر بهما فأخرجا وكان قليل الضحك إن أن يغلب عن نفسه . صفح الشيء عرضه كصفحة الكتاب والوجه وتصفحته استعرضته وتأملت وجهه . والأصل في الدين الطاعة واستعير للشريعة للانقياد إليها والطاعة ، والمراد النظر في مذاهب أهل الأديان وشرائعهم ، واختلاف فرقهم . كالمسلمين والإسلام على ضربين أحدهما دون الإيمان وهو الاعتراف باللسان وبه يحقن الدم ومنه قوله تعالى “ولكن قولوا أسلمنا” والثاني فوق الإيمان وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب ووفاء بالفعل والاستلام لله تعالى في كل ما قضى وقدر ، كقوله تعالى في قصة إبراهيم “أسلمت لرب العالمين” . والتصفح لمذاهب المسلمين وفرقهم كالمعتزلة والأشعرية والأمامية وغير ذلك وكاليهود وفرقهم من العناية والموسكانية والعبرانية والقرائين والسامرية وما أشبه ذلك .
هو عيسى بن عبد الله مولى بني مخزوم ، وكنيته أبو عبد النعيم ، كان مخنثاً ماجناً ظريفاً يسكن المدينة . وهو أول من غنى بها على الدف بالعربية ، ويضرب به المثل في الشؤم ، وذلك أنه ولد يوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفطم يوم مات أبو بكر ، وختن يوم قتل عمر ، وتزوج يوم قتل عثمان ، وكانت أمه تمشي بالنميمة بين نساء الأنصار . ففهم الملك المراد وقال يا بقراط عقلك أتم من معرفتك ونزل عن الحظية لابنه وشفى الفتى من لاعج الهوى .
وأما سخاؤها فإن أدنى رجل منهم يكون عنده البكرة أو الناب عليها بلاغة من حمولته وشبعه وريه فيطرقه الطارق الذي يكتفي بالفلذة ويجتزئ بالشربة فيعقرها له ويرضى أن يخرج له عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الأحخدوثة وطيب الذكر . ستعلم ما تغني معيد ومعرضوالنعمان هذا هو ابن المنذر بن النعمان بن عمرو آخر ملوك العرب بالحيرة من قبل كسرى وله أخبار وأقوال . ما يعرف من هيئة الفاعل والمفعول في حال وقوع الفعل كقولهم جاء زيد راكباً وضربت اللص قائماً ؛ فالركوب هيئة زيد في وقت مجيئه والقيام هيئة اللص في وقت ضربه ، والحال إما أن يكون نكرة أو في حكمها وبعد كلام تام أو حكمه وبعد اسم معرفة أو حكمها ، ولها أقسام مثل المستصحبة ، والسادة ، والمحكية ، والموطئة والمؤكدة ، وغير ذلك . هو المرض الداخل على الأبدان وأجناسه ثلاثة الأول فساد المزاج والثاني تفرق الأتصال والثالث المرض المشرتك .
فإنما يتيمم من لم يجد ماءً ، ويرعى الهشيم من عدم الجميم ، ويركب الصعب من لا ذلول له
( وعلقمة ) هذا هو علقمة بن علاثة بن جعفر من بني عامر بن صعصعة . يعني لو تجملت بهذه الذخائر لما تدلس على أمرك ، ولا خفى عني نسبك الذي أعرفه . تسمع للحلي وسواساً إذا انصرفتيعرض بوسواس كان في الحسن ( والمثالب ) النقائض مأخوذ من ثلب الرمح إذا تثلم .
( وحكى ) ابن خلاد قال لما ضرب بشار بعث المهدي إلى منزله من يفتشه على كتب الزندقة فوجدوا طوماراً فيه بسم الله الرحمن الرحيم أني أريد هجاء آل سليمان ابن علي فذكرت قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركتهم إجلالاً له صلى الله عليه وسلم فلما قرأه بكى وندم على قتله وقال لا جزى الله يعقوب خيراً فإنه لما هجاه لفق عليه شهوداً على أنه زنديق فقتله وندمت على قتله حين لا ينفع الندم . كل مكان واسع جامع للماء الكثير ويقال في الأصل للماء الملح دون العذب ، وإنما قيل البحران للملح والعذب للتغلب ، كما يقال العمران . واختلف في عدد البحار فقيل إنها سبعة أبحر ، ستة ظاهرة وواحد محيط بالدنيا مظلم ، ومنه تستمد ، وقيل خمسة وقيل أربعة ، والأول أصح لقوله تعالى “والبحر يمده من بعده سبعة أبحر” قال بعضالعلماء ولأن السموات سبع والأرضين سبع والنجوم السيارة سبع والأيام سبع وخلق الإنسان من سبع ، يعني قوله تعالى “ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين” الآية ورزق من سبع لقوله تعالى “فلينظر الإنسان إلى طعامه” الآية . وذكر في الجغرافيا أن البحار مختلفة المقادير فمنها ما هو على هيئة الطيلسان منها ما هو على هيئة الشابورة ومنها ما هو على صورة التدوير وهو الغالب عليها ، وأشدها البحر الشرقي وهو لفارس ، والغربي وهو للروم يأخذان من البحر المحيط ويقال له قنطس والبحار تستمد منه وهي بالنسبة إليه كالخلجان ولا يتأتى فيه ركوب ولا يعيش حيوان ، ويقال إن أطراف السماء عليه كالخيمة ولا يعلم ما وراءه . هو بطليموس صاحب كتاب المجسطي الكبير والجغرافيا والأصطرلاب وكتاب اللحون الثمانية وغير ذلك .
ترجمة الإسكندر
فالشمس نمامة والليل قواديعني أنك وعدت نفسك أن تترك الاتصال بهذه المرأة التي هي خليلتك وتتعوض عنها بحصولي ، وهذا أمر لا يقع فأنت كاذب نفسك في الوعد أو وعدت هذه المرأة التي هي عندك بمنزلة نفسك في الوعد أنك إذا ظفرت بي تركتها وأطلقت سراحها لرغبتها في البعد عنك فهي تسعى في هذا الأمر سعى المجتهد وهذا أمر لا يتم فقد كذبتها فيما وعدت ( والخلف ) ما جاء بعد الشيء ومنه سمى الخليفة ، ويقال بالتحريك للمدح مثل خلف صالح ، وبالسكون للذم مثل خلف كجلد الأجرب . وأما قول الملك إنهم يئدون أبناءهم فإنما يفعله منهم من يفعله بالإناث أنفه من العار وغيره من الأزواج . قوله ( وكانت ) عطف على وهبها ( والحلي ) الأوصاف التي يوصف بها الشخص كأنها ماخوذة من الحلي ، وهو الزينة . ( والسيما ) العلامة ومنه قوله تعالى “من الملائكة مسومين” ( والشهادة ) العلم بالشيء والإقرار به . ( والتثنية ) زيادة ألف أو ياء مفتوح ما قبلها في آخر الكلمة مع نون مكسورة ، كقولهم الرجلان والرجلين .
- وهو أول من شرح القول على هيئات الفلك وأخرج علم الهندسة من القوة إلى الفعل ، وأكثر الرواة يقولون إنه ثالث ملوك اليونان بعد الإسكندر وبطليموس لقب ملوكهم وكان رجلاً حكيماً .
- يعني لو تجملت بهذه الذخائر لما تدلس على أمرك ، ولا خفى عني نسبك الذي أعرفه .
- هو السليك بن عمرو بن يثربي أحد بني مقاعس وأمه السلكة جاهلي قديم ، وهو أحد صعاليك العرب ولصوصهم العدائين الذين كانوا لا يلحقون ولا تتعلق بهم الخيل .
وقال ابن الكلبي كان أبوها من عظماء الملوك وولده ملوك اليمن كلها وكان يقول ليس في ملوك الأطراف من يدانيني فتزوج امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن فولدت له بلقيس وتسمى بلقمة ويقال إن مؤخر كان مثل حافر الدابة ولذلك اتخذ سليمان عليه والسلام الصرح الممرد من القوارير وكان بيتاً من زجاج للرائي أنه ماء يضطرب فلما رأته كشفت عن ساقيها فلم ير غير شعر خفيف ولذلك أمر بإحضار عرشها ليختبر عقلها ثم أسلمت وعزم سليمان على تزوجها فأمر الشياطين فاتخذوا الحمام والنورة وهو أول من اتخذ ذلك وطلوا بالنورة ساقيها فصارت كالفضة فتزوجها وأرادت منه ردها إلى ملكها ففعل ذلك وأمر الشياطين فبنوا لها باليمن الحصون التي لم ير مثلها وهي غمدان وبينون وغيرهما وأبقاهما على ملكها وكان يزورها في كل شهر مرة من الشامعلى البساط والريح وبقي ملكها إلى أن توفي فزال بموته . وهو كسرى أنوشروان بن قباذبن فيروز ، وفي أيامه ولد النبي صلى الله عليه وسلم وقال ولدت في زمن الملك العادل يعني كسرى . وكان ملكاً جليلاً محبباً للرعايا تام التدبير فتح الأمصار العظيمة في الشرق وأطاعته الملوك وتزوج ابنه خاقان ملك الترك وقتل مزدك وأصحابه ، وذلك أن أباه قباذ قد بايع رجلاً زنديقاً يسمى مزدك أحدث مقالات في إباحة الفروج والأموال ، وقال إنما الناس فيها سواء وكان لا يسفك الدم ولا يأكل اللحم ، وإنه دخل يوماً على قباذ وعنده زوجته أم كسرى وكانت من أحسن النساء وعليها حلي عظيم فأعجبته فقال لقباذ إني أريد أن أنكحها لأن في صلبي نبياً يكون منها فأطاعه قباذ لقوله بمقالته فلما هم مزدك بها وكان كسرى ضغيراً قبل قدميه وتضرع له في أن لا يفعل فوهبها له فأول ما ولى كسرى بعد موت أبيه قتل مزدك وأصحابه فعظم في أعين الفرس وأحبوه وسلك سيرة أردشير وتوطدت مملكته وبني المباني المشهورة ، منها السور العظيم الباقي الذكر على جبل الفتح عند باب الأبواب وأقام الحرس وحسم المادة من فساد من خلفه . ومنها المدينة التي سماها باسم رومية ، ومنها الأيوان العظيم الباقي الذكر وليس هو المبتدئ لبنيانه وإنما المبتدئ له سابور وهو الذي رفعه وأتمه وأتقنه حتى صار من عجائب الدنيا وكان انشقاق مثله من المعجزات النبوية والخصائص المحمدية .
( وحكى ) عنه قال مات لصالح بن عبد القدوس ولد فمضى إليه أبو الهذيل والنظام معه وهو غلام حدث كالتبع له فرآه محترفاً ، فقال أبو الهذيل لا أعرف لجزعك وجها إذا كان الناس عندك كالزرع فقال صالح يا أبا الهذيل إنما أجزع عليه لأنه لم يقرأ كتاب الشكوك ، فقال أبو الهذيل وما كتاب الشكوك قال كتاب وضعته من قرأه شك فيما كان حتى يتوهم أنه لم يكن وفيما لم يكن حتى يظن أنه قد كان فقال له النظام فشك أنت في موت ابنك وأعمل على أنه لم يمت وإن مات وشك أيضاً في أنه قد قرأ هذا الكتاب وإن لم يكن قرأه . فحصر صالح وكان مذهبه مذهب السوفسطائية فإنهم يزعمون أن الأشياء لا حقيقة لها ، وأن ما يستعده الإنسان يجوز أن يكون على ما شاهده ويجوز أن يكون على غير ما شاهده وأن حال اليقظان كحال النائم . وهو الذي بنى قيسارية الروم ، وقيل قيسارية الشام ، وأقام في الملك خمسين سنة . وكان إذا أراد أن يستشير أحداً من عقلاء دولته أرسل إليه نفقة سنته ليتوفر ذهنه على ما يشير به ومن بعده اختلفت الروم فتقاسموا البلدان والأطراف إلى ظهور الإسلام .